العلامة الحسيني من المؤتمر الوطني العراقي التأسيسي في باريس: الجهد الوطني العراقي والعمق العربي کفيل بإنقاذ العراق

 
يمر العراق بمرحلة سياسية ـ إقتصادية ـ أمنية ـ إجتماعية بالغة الصعوبة والتعقيد حيث تحدق به التحديات المختلفة من کل جانب وتعصف به المشاکل والأزمات العميقة الناجمة عن العملية السياسية التي أعقبت الإحتلال الامريکي للعراق و التي يمکن وصفها بتجربة فاشلة جملة و تفصيلا ولا ولم و لن تخدم المصالح العليا للشعب العراقي.
 
المراحل التي أعقبت الغزو الامريکي للعراق، والتي شهدت أوضاعا متدهورة و وخيمة من مختلف الجوانب، إتسمت بمميزات لم يشهدها العراق منذ حصوله على الإستقلال في عام 1921، وهذه المميزات يمکن تحديدها بما يلي:
 
ـ حل الجيش العراقي الذي کان عضدا و أملا وعونا ليس للعراق فقط وانما للأمة العربية برمتها، ومن ثم إعادة تشکيله بناءا على أسس ومقومات غير وطنية مختلفة تماما عن تلك التي کان قد تأسس عليها عند إستقلال العراق في 1921.
ـ إضعاف الروح الوطنية العراقية وتغليب الروح الطائفية والعرقية والفئوية عليها.
ـ دفع العراق للإبتعاد عن عمقه العربي و تهميش الدور العربي في العراق لمساعدته وإسناده في مواجهة أوضاعه المتدهورة
ـ الدعوة لأقلمة العراق وتقسيمه إلى مناطق بناءا على أسس ومقومات طائفية وعرقية، وهي دعوة بدأت للأسف تلقى صدى من جانب البعض ممن لايدرکون الأبعاد الخطيرة لها ليس على العراق و إنما على الوطن العربي برمته.
ـ إبدال العمق العربي للعراق من جانب أطراف وأطياف سياسية في العراق بعمق إيراني، وجعل مصالح شعب العراق العليا ومستقبل أجياله رهينا عند نظام ولاية الفقيه في طهران.
في ضوء کل هذه الأمور، فقد اتجهت أوضاع العراق من مختلف النواحي السياسية والأمنية والإقتصادية و الإجتماعية والفکرية من سيئ إلى أسوء و بعد أن کان العراق بلدا وشعبا واحدا موحدا صار منقسما على نفسه من مختلف النواحي ويواجه أخطارا و تحديات جسام بحيث تضعه”والعياذ بالله”على حافة التقسيم والتفتت، خصوصا وأن الفتنة الطائفية البغيضة التي قام نظام ولاية الفقيه من خلال عملائه وأذنابه في العراق بنشرها والدفع باتجاهها بطرق مختلفة، قد أدت وللأسف البالغ دورا بالغ السلبية بهذا الخصوص وهو مايتطلب جهدا وطنيا عراقيا وعربيا خالصا من أجل درء آثارها وتداعياتها الآنية والمستقبلية على العراق.
إستفراد نفوذ نظام ولاية الفقيه بالعراق و کونه” فوق کل اعتبار آخر، دفع ويدفع بالعراق نحو هاوية شديدة الانحدار و التي لايمکن للمرء أن يٶمن من عقباها أبدا ولاتصب إلا في مصلحة أعداء العراق و العروبة والذين يتربصون شرا وعداءا  بهما، ولاريب من أن الأحداث والتطورات قد أثبتت بأن آخر مايفکر به نظام ولاية الفقيه هو مصلحة الشعب العراقي و مستقبل أجياله القادمة.
معاداة الحس الوطني للعراق ومنح الأولوية للمشاعر الطائفية والعرقية و الفئوية وعزل العراق عن محيطه العربي، ساهم و يساهم بصورة واضحة في إضعاف روح الحرص الوطني والإحساس بالمسٶولية وهو ماأثر سلبا على الواقع السياسي ـ الفکري للعراق و مهد الأرضية و المناخ المناسب والملائم لنشوء وبروز إتجاهات وتيارات معادية للروح الوطنية والقومية، وإن الضرورة الملحة تتطلب عملا وجهدا منظما ودٶوبا من أجل معالجة هذا الخلل والحيلولة دون استفحاله وتفشيه في العراق.
إن عقد مٶتمر المشروع الوطني العراقي التأسيسي في باريس اليوم، هو برأينا جهد وطني عراقي مسٶول بإتجاه العمل المخلص والدٶوب للوقوف بوجه الحالة السلبية في العراق والبحث عن سبيل و طريق من أجل الخروج بهذا البلد العريق وشعبه المناضل والمبتلى بأسوء عملية سياسية في المنطقة والعالم، إلى بر الأمان، وإننا نرى أن أهم قضية على المٶتمر بحثها والتقصي فيها هي إنهاء نفوذ وهيمنة نظام ولاية الفقيه في بلاد الرافدين لضمان السيادة الوطنية للعراق و استقلاله اللذين نجدهما حاليا مدنسان بفعل التدخلات السافرة لذلك النظام المعادي ليس للشعب العراقي فقط وانما لمعظم شعوب المنطقة.
جمع مختلف أطياف وشرائح الشعب العراقي على طاولة واحدة وجعل مصلحة العراق فوق کل مصلحة أخرى والبحث بروح الحرص والمسٶولية من أجل إيجاد الحلول الشافية للأوضاع في العراق، هي برأينا من صلب مهمات هذا المٶتمر ومن أولياته ويجب العمل بکل همة و إخلاص من أجل إعادة الثقة بالنفس لدى المواطن العراقي وبعمقه العربي الذي کان و سيبقى ضمانة لأمنه وإستقراره، وإننا إذ نقدر عاليا توجيه الدعوة لنا لحضور أعمال هذا المٶتمر فإننا ندعو من الباري عزوجل أن يوفق هذا المٶتمر للخروج بنتائج تساهم في إنقاذ العراق وشعبه مما هو فيه من أوضاع بالغة السوء. {وقل أعملوا فسيرى الله عملکم و رسوله و المٶمنون}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *