مرجع ايراني شيعي يحظر شيخ الازهر من الخطر الايراني باستخدام الاسلام لتحقيق مصالحة


علي هامش مؤتمر الازهر حول مكافحة التطرف و الارهاب مرجع شيعي ايراني يبعث برسالة الي شيخ الازهر يحذر فيها من الخطر الايراني الذي يستخدم الاسلام لتحقيق مصالحه  

 بعث الشيخ جلال يوسف كنجه اي برسالة خاصة الي شيخ الازهر فضيلة الدكتور / احمد الطيب حذر فيها من مخاطر الفاشية الدينية بأسم الاسلام و التي يتبناها النظام الايراني و طالب بادراج هذا الخطر علي جدول اعمال مؤتمر الازهر المنعقد حالياً في القاهرة و الذي يناقش كيفية مجابهة خطر التطرف و الارهاب و جاء في نص الرسالة التي تلقينا نسخة منها

فضيلة الامام الاكبر شيخ الازهر الشريف الدكتور / احمد الطيب

تقبلوا تحياتي  

أما بعد، اني ونظرا الى مكانة الجامع الأزهر ونظرا الى الاحترام الكبير الذي يحظى به فضلية الشيخ ومواقفه القيمة والاسهام في التعبير والدفاع القوي عن حقوق الشعب المصري خلال الانتفاضات المصرية منذ يناير والى انتفاضة يوليو، أرى من الضروري أن أنقل بعض ما يثير القلق في داخلي عشية مؤتمر سيعقده الأزهر الشريف بمبادرة من فضيلتكم بشأن التطرف والارهاب المغطى باسم الاسلام.

و أتحدث اليكم في هذه الرسالة بصفتي رجل دين ايراني 70 عاما تلمذ الفقه والمعارف الاسلامية في مدارس قم والنجف عند كبار أساتذة الوقت من أمثال السادة محسن الحكيم وابوالقاسم الخوئي وروح الله الخميني وآخرين ومع أنني كنت تلميذاً نشطاً في محاضرات الخميني الا أنني وبعد المحاضرات الخاصة بموضوع «ولاية الفقيه» في العام 1970 وعدم اقتناعي باجابات الاستاذ على أسئلتي ومخاوفي من ظهور استبداد ديني فاسد، تركت المحاضرات وعدت إلى إيران لأمارس نشاطاً مستقلاً حتى العام 1974 حيث تم اعتقالي  من قبل السافاك وبقيت في سجن الشاه لمدة خمسة أعوام. وعشية الثورة ضد الشاه في العام 1979 ساهمت في الثورة بشكل مستقلّ ونشط إلى حين تمت ملاحقتي من قبل نظام الملالي الذي حلّ محل النظام السابق. وفي الوقت الحالي أقيم في فرنسا وأتابع نشاطاتي…  ومن أفراد أسرتي بينهم أحد أبنائي تم إعدامهم من قبل نظام ولاية الفقيه.

ونظرا الى القائمة التي نشرت في الصحف عن برنامج عمل مؤتمر الأزهر، يخشى على أن لا يتناول المؤتمر ملفين جديرين بالمناقشة والدراسة وهما:

         خطر الفاشية الدينية باسم الاسلام

         خطر الأنظمة المسماة بالاسلامية على سمعة الإسلام والمصالح الحيوية للمسلمين لاسيما ما يأتي من قبل النظام الحاكم في ايران

 

إثارة الصخب للفاشية الدينية

فضيلتكم أدرى مني أن في تبرير ضرورة إقامة نظام الخلافة ماعدا الدعوى الضعيفة بوجود الإجماع، يتم الاستناد الى «وجوب ما يتم به الواجب» وهو المبدأ الثاني وكذلك بلغة البرهان هوالقضية الكبرى في منطق ولاية الفقيه.  حيث أن تنفيذ واجب أحكام الله التي تطلق عليها «الشريعة»، منوط بوجوب أن تكون السلطة الحكومية بيد أهل الشريعة. فهذا هوالركن المشترك لدعاة «الخلافة الاسلامية» وفريق جديد منفقهاء الشيعة المعتقدين بولاية الفقيه في فكر الخميني وفي فكر من يحكم اليوم في إيران. ومن حيث المنطق والمعقول وكذلك بالاستناد الى التجربة العملية لأقدم نموذج من هذا الحكم في ايران على مدى 35 عاما، فإن هذا النوع من الحكم سيصار ذاتيا من «مقدمة الواجب» الى «أوجب الواجبات» حيث تم تطبيقه على أرض الواقع منذ السنوات الأولى بفعل تصريحات الخميني وقد تحول الآن الى أحد المؤكدات الدينية الضرورية في هذا النظام. وأصبحت «مصلحة النظام» الحاكم الآن تتغلب على جميع المصالح والقيم وحتى الشعائر الدينية – كالصلاة والحج طبقا لنصوص الخميني – والحال ينطبق على قضية «داعش» أيضاً، ويحكم فيها «مصلحة فوق كل المصالح».

وعلى ما يبدو أن الأزهر سيتناول في مؤتمره هذه الأيام في موضوع الدولة الاسلامية والخلافة والسلطة و.. واني أتمنى أن يكرّس ويصرّح الأزهر والمتكلمون المعنيون بشؤون المسلمين في هذا المؤتمر وقبل الآخرين على ما يأتي:

اولا – أي نظام ونهج للحكم ومن ضمن ذلك الحكم على المسلمين، لا يجوز أن يكون الا على أساس الرضا والرغبة الحرة لأبناء المجتمع ويجب أن يتضمن الحكم مؤسسات وأجهزة تكفل الحرية وحق النقد والمعارضة الى حد التعرض على السلامة والأمن العام. وهنا خاصة يجب ضمان الحق في التعبير بالرأي والاجتهاد الديني لكي تفوت الفرصة على الحكام أو ما يسمى بالفقهاء الديماغوجيين لاستخدام تهمة التكفير والتفسيق.

ثانيا – شرح مدى دفاع الاسلام وضمانه للمقموعين والمضطهدين من أمثال الكادحين والنساء وأصحاب الرأي الآخر لأنه ان لم تكن حلول أو تكون حلول تتجاهل مثلما تجاهلت مصير ابوذر الغفاري رضي الله عنه فان مصير الشعوب المسلمة يتقرر على نحو آخر وسيتحمل مسؤوليته اولئك الذين لم يسخروا الفكر والعمل في حينه لتبيان الاسلام والدفاع عن الدين الحنيف.

ثالثا – أي تصور من الحكم في الوقت الحالي سواء كان متصفا بالاسلام أو من عدمه فيجب أن تكون أسس تقطع الطريق ذاتيا على أي تفرد بالسلطة والتحكم على المواطنين مسلمين وغيرهم خاصة تمنع فرض القهر والحرب والتجييش باسم «مصلحة الاسلام» أو «مصلحة النظام الاسلامي»، ومن دون ذلك سيتحول عاجلا وذاتيا الى نظام فاشي باسم الاسلام كما ظهر على أرض الواقع في ايراننا. لأنه وبصرف النظر عن صفات القادة والرؤوس المكشوف حالهم لهكذا أنظمة، ستتحول لا محالة نظرية مقدمة الواجبات وأوجب الواجبات الى هكذا فاشية وكنموذج حي اننا في ايران قد دفعنا ولانزال ندفع ثمن ذلك بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء الذين سقطوا قتلى.

 

الخطر الكبير للنظام الايراني

غالبية الآراء تتحدث عن خطر نظام الملالي في ايران لكونها شيعية تبشيرية أو من الناحية السياسية والاستراتيجية يوصف تحت عنوان «الهلال الشيعي». لا شك أن نظام الملالي في ايران هو نظام خطير وتهديد استراتيجي لمصير المسلمين والبشرية جمعاء ليس لكونه نظام شيعي أو يروج للشيعة. لأن الشيعة وبمفهوم أتباع علي بن أبي طالب (ع) أو المعتقدين بتعاليم ومنهج أئمة أهل البيت (ع) يوجهون النقد أكثر من كل شيء الى ظلم الحكام أو السياسات الجائرة وفي بعض الأحيان يثيرون عليه – بصرف النظر عما يقبل البعض من أهل الرأي بعض حالاته –   ولكنهم لم يطرحوا في المحتوى أمرا مختلفا سوى بعض الفروقات الفقهية أو الكلامية الرائجة بين المذاهب والنحل الاسلامية المختلفة وهي لا تختص أهل البيت فقط. طبعا حساب غلاة الشيعة يختلف وهو يشبه الغلاة بين سائر الطوائف والنحل.

ان خطر النظام الايراني يتأتى بالضبط من حيث تمت الاشارة اليه أعلاه أي من سياسة الاستفراد بالسلطة السياسية وحكر حق التعبير في الرأي الديني والاجتماعي الى درجة ترى مواقف الآخرين الحادا وانحرافا وانحطاطا بل تذهب أبعد من ذلك لتجرّم الآخرين وفق «مصلحة النظام» ولتفرض أجواء من القمع والكبت راح ضحيتها عشرات الآلاف من المعارضين والمحتجين كان اَغلبهم مسلمين ومؤمنين من أبناء الشعب الايراني. وفي هكذا وضع فقد سوّل النظام لنفسه ولاثبات نبرة اسلاميته وفق دستوره والفتاوى والوصايا الصادرة عن الخميني أن يعمد الى زعزعة الأنظمة التي يراها منحرفة والتدخل في العراق في عهد صدام حسين وبعده وفي لبنان قبل الطائف وبعده وفي سوريا حافظ الأسد وبعده و… تدخلات أفضت الى حالات كارثية تسود هذه الدول لكي تتحول الى بيئة مناسبة لظهور داعش ودوعيشات و…

ان كل هذه الحالات لا تكون منفصلة عما حل بالشعب الايراني من تفشي الفقر المدقع في هذا البلد الغني بالنفط والى الفساد المتفشي الذي أصبح أمراً مستعصياً واستنزافات مقيتة للطبقة الحاكمة والأغنياء الى اشاعة الفحشاء والإدمان وما آلت اليه حال 80 بالمئة من الشعب ليعيشوا تحت خط الفقر والأكثر إيلاما عزوف أعداد هائلة من المواطنين لاسيما الجيل المثقف عن الاسلام الديانة وليس فقط عن النظام الحاكم الذي يسمي نفسه بالنظام الديني.

غني عن البيان أن «تصدير الثورة» من قبل النظام الى جميع الدول المسلمة التي اجتاحها هو في واقع الأمر قد أدى الى تصدير هذه المفاسد من الرذيلة والادمان والفساد الاداري والاقتصادي حيث نرى أمثلة عراقية منها على سبيل المثال أن كان هناك 50 ألف موظف أمني وهمي كشفهم حيدرالعبادي.

جدير بالذكر أن نظام ولاية الفقيه في ايران يمرّر حكمه الذي أسماه الديني منذ سنوات ليس بالاعتماد على المعتقدات الدينية للمواطنين وانما بالاعتماد على القهر وعلى النار والحديد. الشعب الايراني ومنذ أمد طويل أدركوا بل لمسوا بأن الاسلام أصبح آلة بيد هذا النظام للتحكم ولهذا السبب أصبحت منظمة مجاهدي خلق الايرانية التي تؤمن بالاسلام أيماناً راسخاً أخطر وأكثر المعارضين جدية لهذا النظام وهي تعتقد باسلام لا يقيّد الحرية وانتخاب الشعب ولا يجيز الاكراه في الدين وانما يرى أساس الحكم مبنيا على الرغبة واختيار عموم أبناء الشعب.

حضرة الإمام الأكبر وشيخ الأزهر الشريف

اسمحوا لي أن أذكر في ختام حديثي ومن باب «فذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين» بأن العالم الاسلامي ليس أمامه مجال مفتوح لكي يكرس مؤتمراته على تناول قضايا فرعية والنظر في معلولات المشاكل. بصرف النظر عن التخلف العلمي والتقني و… فان المشكلة الأساسية التي يعاني منها المسلمون وبما يعود الأمر الى الشؤون الاجتماعية هي عدم التركيز على العدالة للجميع: العدالة بمفهوم المقاومة بوجه الاستبداد بكل أشكاله، وأخطره الاستبداد المتلبس بالدين؛ والعدالة بمفهوم حقوق المستضعفين والمحرومين من العدالة، والفقراء والكادحين والنساء وغير المسلمين القاطنين في المجتمعات الاسلامية.

كل الأمل أن تجدوا فرصة يا فضيلة الشيخ لكي تستمعوا الى عرض أخيكم في الدين وفي المسؤوليات الدينية لكي نسأل الله عزوجل العون والتوفيق ليمدّنا ويسدّد خطانا.

 

 

مصطفي عمارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *