رئيس قطاع الارشاد الزراعى في حوار مع الاعلامية جيهان رفاعي : : الرؤية المطروحة لتطوير قطاع الارشاد / كلمة خصخصة القطاع غير مقبوله / قطاع الإرشاد الزراعى يعانى من كبوة

يعنبر الإرشاد الزراعي جزء لا يتجزأ من المجتمع الريفي لما له من أهمية عظيمة في تحقيق التنمية الزراعية وتطويرها وبالتالي نمو الاقتصاد القومي ورفع مستوى المعيشة، ونظرا لاهمية القطاع الزراعي وارتباط الارشاد الزراعي به لذلك كان لنا هذا الحوار مع الدكتورة جيهان المنوفى رئيس قطاع الارشاد الزراعى .
وإلى نص الحوار..

 ما دور قطاع الإرشاد الزراعي فى خدمة المجتمع الريفى والبيئة؟

لا شك أن الإرشاد الزراعى له دور كبير فى خدمة البيئة والمجتمع الريفى فهو يعمل على زيادة الانتاج الزراعي – النباتي والحيواني والسمكى – ويساهم فى تحقيق نهضة اجتماعية ريفية عن طريق احداث نهضة اقتصادية باستغلال كل ما في الريف من فرص وموارد وامكانيات طبيعية او بشرية، وتوعية المزارعين وتنمية قدراتهم وتحسين مهاراتهم وتغيير اتجاهاتهم واسلوب تفكيرهم، حتى يتمكنوا من الاستفادة الكاملة من طرق وأساليب الزراعة الحديثة، فضلا عن نتائج البحوث العلمية الزراعية الحديثة، وبالتالى ارتفاع المستوى الاجتماعى الاقتصادى لهم والارتقاء بمجتمعاتهم المحلية فى إطار خطط وبرامج التنمية الريفية الشاملة والمستدامة.
  هل يعاني الإرشاد الزراعي الحكومي من أزمة ربما تقلص دوره في إحداث التنمية الريفية المستدامة؟
على الرغم من الدور الحيوى والهام الذى يؤديه قطاعالإرشاد الزراعى فى تحقيق التنمية الزراعية فى إطار استراتيجية الوزارة 2030، إلا أنه أضحى يعانى من كبوة تتطلب إجراءات عاجلة حتى ينهض من هذه الكبوة، فهو على مر السنيين الماضية يعانى من مشاكل مزمنة يتمثل اهمها في تقليص الميزانية عام بعد الاخر، بصورة أدت إلى تنفيذ الأنشطة الإرشادية بصعوبة كبيرة، وأصبحت التغطية الجغرافية صعبة المنال، كذلك تناقص أعداد المرشدين الذين يتراوح أعمارهم الأن على ما يزيد عن 45 سنة، وفي غضون أقل من خمس سنوات لن يكون هناك كادر إرشادى إذا لم يتم تعيين كوادر جديدة، فضلا عن عدم حسن استغلال الأصول الثابتة (مراكز إرشادية ـ مراكز دعم إعلامى… الخ) للقطاع كما ينبغى.
ويبلغ عدد المرشدين الزراعيين حاليا حوالي 2940 مرشد موزعين على جميع محافظات الجمهورية، ويصعب مع هذا العدد تغطية جميع القرى لضعف الإمكانيات، كما ان هناك مشكلة في هيكل الإرشاد، وبالتالى فإن جميع هذه التحديات قلصت من دوره، ولكي يؤدى دوره بكفاءة ويحقق المستهدف منه لابد من توفر الميزانية والكوادر البشرية للوصول إلى المزارعين بالشكل الذى يساهم فى زيادة الإنتاج الزراعى.
 ما المقصود بالإرشاد الزراعى الحديث؟ وهل يمكن أن يكون مخرجا لضعف الإرشاد الحكومي؟
مفهوم الإرشاد الزراعي لم يتغير، فهو يغير معارف ومهارات وسلوكيات خاصة بالمزارعين، وهناك بعض الدول استغنت عن هذا المفهوم أو استبدلته بمفهوم الخدمات الاستشارية الزراعية، ونحن نحاول أن ندمج بين الإثنين لنقدم خدمات إرشادية زراعية مطورة واستشارات زراعية، أى أن الهدف ليس صغار مزارعين فقط بل كبار المزارعين والشركات الزراعية وجميع المشاركين فى منظومةالإنتاج الزراعي، ولكى أكون مصدر جذب لهذه الشركات حتى يمكنها أن تتعاون معى من خلال الاستشارات وبدون أن أجعلهم يتكبدون مبالغ باهظة، وحتى لا يأتون بخبير إستشارى من الخارج يكلفهم الكثير، لابد من التواصل معهم عبر شراكة جادة وحقيقية يستفيد منها الجميع.
  هل يمكن الاستعناء عن الإرشاد الحكومي عن طريق الإرشاد الحديث؟
لا يمكن الاستغناء عن الإرشاد الحكومي.. ولكن ستتحول الآلية لتقديم الخدمة وفقا للرؤية المطروحة لتطوير قطاعالإرشاد الزراعى وهي على محورين اساسيين هما … المحور الأول هو الهيكلة لقطاع الإرشاد بما يخدم صغار المزارعين، أما المحور الثاني هو الخروج باستراتيجية ثابتة للإرشاد الزراعي، وهذا تطوير إذا تم فى هذا الاتجاه، كما هو مخطط له، وهذا ليس نتاج رئيس قطاع ولكن نتاج ورش عمل تم تنفيذها سلفا.
كما أنه لابد من وجود الشراكة الثنائية، وعموما فإنه يمكن القول أنه تم عرض ثلاثة سيناريوهات لتطوير القطاع، تمثل الأول فى تطوير قطاع الإرشاد الزراعىبالوضع الحالي، والثاني عمل خصخصة كاملة، ولكن كلمة خصخصة سيئة السمعة واصبحت غير مقبولة للمزارعين، مع أنه في حقيقة الأمر المزارع بدأ يدفع تكلفة مستلزمات الإنتاج الزراعى التى أصبحت خاضعة للسوق الحر، كما أن المزارع يدفع مقابل تأجير الآلات الزراعية والعمالة وفق العرض والطلب، أما السيناريو الثالث: هو الشراكة الثنائية بمعنى أن القطاع الحكومي له 50% والقطاع غير الحكومي 50%، اى أن جميع الشركات الداخلة في منظومة الإنتاج الزراعي 50%، أما عن شكل الشراكة وآلياتها قيد العمل، فسوف نقوم بعمل اجتماعات تحضيرية، وسيتم تنظيم ورشة عمل في أبريل أو مايو 2019، وندعوا فيها كل من له صلة بـالإنتاج الزراعي، وسوف يتم مناقشة موضوع الهيكلة والاستراتيجية، وعلى هامشها نعرض بصورة مصغرة شكل آلية الشراكة، ثم بعد ذلك وفي ورش العمل التالية سوف نصل إلى شكل الشراكة.. وكيف يكون دور الحكومة مع الاستعانة بالمصادر الخارجية من الشركاء جنبا إلى جنب.
  تتعدد المنظمات الإقليمية والدولية في مصر التي تعمل لخدمة الإرشاد الزراعي، فهل استفاد المزارع منها؟ وكيف يمكن تعظيم هذه الخدمات؟
أشكر كل من قدم خدمة إرشادية للمزارعين من خلال أى منظمة محلية أو إقليمية أو دولية، ولكن المشكلة في التكرار، حيث نجد أن عدة جهات تقدم خدمة إرشادية أو مشروع للمزارع الصغير بنفس الشكل والموضوع، فمثلا في موضوع التسويق الذي يهمني هنا كإرشاد زراعي خصوصا للمزارع الصغير، كيف نربطه بالسوق والاستمرار معه من قبل أن يبدأ الإنتاج حتى يتعلم المزارع كيفية تسويق المنتج الخاص به، ولابد ان يكون المنتج صحي ونظيف، وهنا نلاحظ أن موضوع التسويق تعمل فيه عدة جهات في آن  واحد … وفى هذا الصدد قام الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة، بتشكيل لجنة للتقييم والتنسيق بين الجهات التى نفذت او تنفذ المشروعات، فى محاولة بقدر الإمكان أن يجعل المنظومة المتشابهة بينهم تنسيق كامل من أجل توحيد الجهود بحيث تقدم الخدمات الإرشادية في إطار تكاملى.
  هل يوجد تعاون بين معهد الإرشاد الزراعي أو كليات الزراعة وقطاع الإرشاد الزراعي؟ وما شكل هذا التعاون وأنشطته؟
طبعا.. هناك علاقة أبدية بينهم، فالمعهد له شق بحثي وبه كوادر يمكن أن تنفذ الكثير، ويوجد قسم بالكامل للبرامج الإرشادية، وآخر للمعينات والطرق الإرشادية، وثالث للتنظيم والتدريب، وقسم للمرأة الريفية، وآخر للاجتماع الريفي، كلهم يعملون في منظومة متكاملة ليس في البحوث فقط ولكن في جميع الأنشطة الإرشادية، ونحن نحاول أن يكون هناك تعاون وتنسيق كامل مع مركز البحوث الزراعية في المرحلة المقبلة، أى أن كل المعاهد التي تقوم بـالإرشاد والتدريب تكون تحت مظلة الإرشاد مثل معهد بحوث الإرشاد الزراعي والتنمية الريفية بمعاونة أساتذة الإرشاد والاجتماع الريفي بكليات الزراعة وكذلك التخصصات الأخرى بكليات الزراعة مثل المحاصيل والإنتاج الحيواني شركاء لنا في إمدادنا بالمادة العلمية، ومركز البحوث الزراعية يمدنا بالأصناف الجديدة والمقاومة وليس البحوث فقط، وبهذا تكون المنظومة متكاملة.
  هل يمكن للإرشاد الزراعي أن يساهم في حل مشكله البطالة من خلال مشروع 1,5 مليون فدان؟
هناك عاملين أساسيين لحل مشكلة البطالة، هما الميزانية والكادر البشري المدرب، وعلى اعتبار أنه سيتم استخدام الميزانية في تدريب الأفراد، فهناك شباب يمكن تدريبهم من خريجى كليات الزراعة ودبلومات الزراعة يمكن استغلالهم وتدريبهم كنواة للإرشاد الزراعي، وهم بأعداد كبيرة تستطيع أن تغطي محافظات الجمهورية … وهناك آليات للتغلب على نقص المرشد، ونحن بصدد عمل موقع لقطاع الإرشاد الزراعي سيتم ربطه بجميع إداراتالإرشاد فى جميع المحافظات، وأفكر في آلية لربط إداراتالإرشاد الزراعي كمرشدين بالمزارع، ومن خلال الموقع يمكن تحميل كمية من البيانات والمعلومات المفيدة، وهناك بروتوكول تعاون مع وزارة الإتصالات لهذا الموضوع.
كما أنه سيتم تحميل الموقع برسائل إرشادية وفيديوهات تعليمية، وتشكيل لجنة بها كل التخصصات تنولى تجهيز ووضع المادة العلمية على الموقع، وسوف نقوم بعمل شىء خاص يسمى الإنذار المبكر لأى تغيرات مناخية، ويكون هناك ربط بين القطاع والإدارات عند حدوث أى مفاجآت في المناخ وإبلاغ المزارعين.
ولا شك أن مشروع الـ1,5 مليون فدان يمكن أن يخلق مجتمع زراعى متكامل جديد يعتمد على زراعات معينة، وهذه الزراعات لها سوق تصديري، حيث يعمل الخبراء على تخطيط البرامج التى تساعد على الاستفادة من طاقات الشباب العاطلين أملا فى تحقيق التنمية الاقتصادية بجميع قطاعتها والقضاء على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على البطالة.
  ما رأيك في مدارس المزارعين الحقلية كطريقة إرشادية حديثة تعلم المزارعين بالمحاكاة؟ وهل تفضلي تعميمها بشكل كبير؟
المدارس الحقلية هي إحدى الآليات الهامة، وهى ليست جديدة، فهي مستخدمة منذ القدم، وهي بدأت في آسيا، ومن هنا يمكن تجميع أى مشاكل خاصة بالمزارعين في أى مكان ويكون لدى حقل تجريبي يمكن من خلاله نشر المعلومة الزراعية لكثير من المزارعين، فهي من الطرق الفعالة والمؤثرة للوصول للمزارع، وفي هذه الحالة لا تحتاج سوى للميسر للتدريب وإدارة المدرسة … ويمكن تعميمها، ولكن قبل التعميم نسعى لإجراء عملية تقييم لكل المدارس الحقلية التي نفذت في مصر وتحديد مدى نجاحها والمعوقات التى تواجهها حتى يمكن العمل على حلها وبالتالى عدم تكرارها في أي مدارس حقلية قادمة.
  هل يمكن للمنظمات الأهلية الريفية كالنقابات الفلاحية والروابط أن تقوم بدور إيجابي في مساندة ودعم قطاع الإرشاد الزراعي؟ وما هذا الدور الذي تتوقعيه؟
المفروض أن النقابة تعبر عن الفلاحين، فلو كانت كذلك نحن نتعامل معها، حيث نجمع صغار المزارعين في كيانات ولابد أن يكون الكيان شرعي وقوي في ظل تفتييت حيازات ومزارعين إمكانياتهم ضعيفة، فهو يحتاج معلومة ويحتاج أن يواجه السوق ومعرفة المعايير، فلابد هنا من وجود الكيان بشكل شرعي يتعامل من خلاله مع قطاعات الوزارة وباقى مؤسسات الدولة.
 هل عالجت البحوث مشكلة الإرشاد الزراعي بشكل واقعي وفق إمكانيات وموارد الدولة المتاحة؟ وكيف يمكن علاج الخلل بين نتائج البحوث والتطبيق؟
البحوث الزراعية تحتاج تطوير، وهذا التطوير يحتاج إمكانيات، وبالتالي يتطلب الأمر كله تطوير الخطة البحثية على مستوى أجهزة البحث العلمى الزراعى، ولكي نصل إلى بحوث تطبيقية يتم إعدادها بحيث تعالج مشاكل حقيقية سواء خاصة بالمزارع أو مرتبطة بالتوجهات العامة للسياسة الزراعية للدولة، ينبغى ربط جميع أطراف المنظومة البحثية الزراعية والتنسيق والتكامل بينها حتى يمكن أن نحقق أقصى معدلات للتنمية الزراعية.
  كيف يمكن أن ينهض قطاع الإرشاد الزراعي بخدماته المتعددة لتحقيق النهضة الزراعية؟  
إذا توافر للإرشاد الأذرع الخاصة به، وهى الميزانية والكوادر البشرية، سوف ينهض الإرشاد من كبوته ويصبح أفضل من السابق بشرط أن يواكب التغيرات الحديثة ويتغلب على التحديات وإدارة الأزمات التى تواجه القطاع الزراعى وعمليات التنمية.

    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *