خلاف صيني-أمريكي يعرقل إقرار “هدنة إنسانية” عالمية في مجلس الأمن‎

عرقلت الولايات المتحدة والصين، اليوم الخميس، مشروع قرار فرنسي-تونسي في مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى “تعزيز التنسيق” بمواجهة وباء كوفيد-19، ما يترك القليل من الأمل لدى الدبلوماسيين بإمكانية طرح المشروع لتصويت سريع.

ولخص دبلوماسي رفض الكشف عن هويته الوضع بالقول:”هذا تجميد قوي، لا أحد يتحرك”، بينما قال دبلوماسي آخر””إننا نراوح مكاننا”.

والنص هو ثمرة أسابيع من المفاوضات، وينص على دعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 23 آذار/مارس، إلى وقف إطلاق نار عالمي تسهيلًا لمكافحة تفشي الفيروس.

ويطلب النص أيضًا “وقفة إنسانية لتسعين يومًا” لإتاحة نقل مساعدات إلى السكان الأكثر تضررًا في الدول التي تواجه نزاعات.

وعن خلفيات عرقلة بكين وواشنطن للتصويت، أوضح عدة دبلوماسيين أن الصين تريد “ذكر منظمة الصحة العالمية” في مشروع القرار، في حين أن الولايات المتحدة “ترفض ذلك”.

وعند سؤال الخارجية الأمريكية عن المسألة، جاء الرد بأنها لم تعتد “التعليق على مفاوضات جارية”. ولم يكن ممكنًا الحصول على أي ردّ من البعثة الصينية في الأمم المتحدة.

وتجد فرنسا وتونس، مُعدَّتا النص، كما الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن، أنفسهم مضطرين لانتظار التوصل إلى تسوية بين البلدين دائمي العضوية في مجلس الأمن نظرًا لامتلاكهما حقّ النقض.

لكن دبلوماسيين آخرين ذكروا أنه لم يتم تحقيق “أي تقدم” بشأن مسألة منظمة الصحة العالمية منذ مطلع الأسبوع.

فقرة بيضاء
كان متوقعًا أن يُجرى التصويت على مشروع القرار، هذا الأسبوع، وهو ما يطالب به بشدة منذ أكثر من شهر الأمين العام، غير أن العرقلة الأمريكية-الصينية تجعل تحقيق ذلك أمرًا مستبعدًا أكثر فأكثر على المدى القصير.

وقال غوتيرس خلال مؤتمر صحفي، اليوم الخميس،:”أنا منشغل خاصة بنقص التضامن الكافي مع الدول النامية، بالمعدات للاستجابة لجائحة كوفيد-19 التي يوجد خطر أن تنتشر كالنار في الهشيم، وفي مواجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المأساوية”.

وقدّر دبلوماسي أنه”لن يُجرى التصويت هذا الأسبوع على الأرجح”، في حين تأسف مصدر دبلوماسي آخر لأنه يجب “الانتظار إن كان الأسبوع المقبل سيأتي بشيء جديد”.

ويمكن تخطي هذا العائق في حال نجحت الصين، والولايات المتحدة، بالتوصل إلى تسوية، كما رأى دبلوماسي غربي، مشيرًا إلى أن مسألة منظمة الصحة العالمية ليست إلا موضوعًا مرفقًا في قرار يتمحور حول دعم وقف إطلاق النار لنحو 20 نزاعًا في العالم.

ويضم القرار فقرة فارغة مخصصة لمنظمة الصحة العالمية كان يفترض أن يُجرى “تحديد محتواها بختام المفاوضات”، لكن يمكن لفرنسا وتونس أن تلغياها تمامًا، لولا خشية أن تصوت الصين ضدّ القرار وأن تدعمها روسيا بفيتو ثانٍ.

وتساءل دبلوماسي، الأربعاء:”ماذا لو ألغينا كل شيء؟”، في وقت لم يخفِ فيه أعضاء آخرون في مجلس الأمن نفاد صبرهم من محادثات لا نهاية لها وغير اعتيادية في الأمم المتحدة حول مشروع قرار.

وبعدما أثنى مطلع العام على منظمة الصحة العالمية، انقلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عليها، موجهًا إليها الانتقادات، ومعتبرًا أنها تفتقر للشفافية، ولم تحذر مبكرًا من المخاطر العالمية التي يفرضها الوباء.

وباستثناء مؤتمر عبر الفيديو في 9 نيسان/أبريل، بطلب من ألمانيا وإستونيا، لم يناقش مجلس الأمن مسألة الأزمة الصحية التي تعد الأخطر على العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

وقال غوتيرس:”كل جهودنا تعتمد على دعم سياسي قوي”.

وخلافًا لمجلس الأمن، اعتمد أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة البالغ عددهم 193 بلدًا، قرارين حول الوباء، أولهما يدعو إلى التعاون، والثاني يطالب بوصول عادل إلى كافة الدول للقاحات مستقبلًا، إلا أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *