بلومبيرغ: أردوغان يبتز الدول الأوروبية للهيمنة على المنطقة

رأت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن الرئيس رجب طيب أردوغان يحشد كل إمكانيات تركيا لفرض هيمنتها على المنطقة، مستغلا ضعف رد الدول الأوروبية بسبب تهديداته المتواصلة بأنه سيطلق موجات ضخمة من المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.

وأشارت الوكالة في تقرير نشرته مساء أمس الخميس إلى أن أردوغان تمكن من فرض تركيا كقوة إقليمية كبيرة تعتبر الأقوى منذ تأسيسها عام 1923 من قبل مصطفى كمال أتاتورك.

لكنها لفتت إلى أن تكلفة هذا الإنجاز كانت كبيرة، إذ تعاني تركيا حاليا من العزلة الدولية، وعداوة اليونان وقبرص وعدد من الدول العربية، بسبب قيامها بالتنقيب عن الغاز بطريقة غير شرعية شرق البحر الأبيض المتوسط، وسلوكها المتهور في ليبيا وسوريا، وتهديداتها المستمرة ضد دول الاتحاد الأوروبي بما فيه شركاؤها في حلف الناتو

وقال تيموثي اش من مؤسسة بلوباي لإدارة الأصول في لندن: ”تمتلك تركيا خاصية إستراتيجية، الحقيقة أن أوروبا تصبح أسدًا بدون أسنان أمامها بسبب تهديداتها المتواصلة بإطلاق موجات من المهاجرين إليها، ومن الواضح أن أردوغان يدرك هذه الحقيقة.“

ولفتت الوكالة في تقريرها إلى أن الدول الأوروبية أدانت أكثر من مرة سياسات أردوغان، لكنها لم تتخذ عملا حقيقيا ضده، باعتبار أن تركيا هي البوابة التي يتوقف عندها المهاجرون والمتشددون، مشيرا إلى أن ذلك يجعل من الصعوبة للدول الأوروبية أن تفرض عقوبات على تركيا أو تتخذ أي إجراءات مشددة أخرى في ظل تهديدات أردوغان.

وأوضحت أن رضوخ الدول الأوروبية لتهديدات أردوغان أتاحت له تحدي دول الاتحاد وحلف الناتو، واتباع سياسة مستقلة، مشيرة إلى رفضه الرضوخ لمطالب واشنطن ودول حلف الناتو بإلغاء صفقة صواريخ إس-400 مع روسيا.

وذكر التقرير أن واشنطن دعمت تركيا في ليبيا في بادئ الأمر، ما أتاح لها تحدي روسيا في ذلك البلد العربي، في حين عملت أنقرة جنبا إلى جنب مع موسكو في شمال سوريا في محاربة الأكراد، ما أثار غضب أوروبا رغم مباركة ترامب للعملية التركية في سوريا.

2020-07-55-30

وقال فادي هاكورة من مركز ”تشاتهام الملكي“ البريطاني: ”الحقيقة أن علاقات تركيا مع الولايات المتحدة لا تزال جيدة على مستوى القيادة، لكنها سيئة على مستوى المؤسسات.. والواقع أن أردوغان يقامر بعلاقته مع ترامب.“

وأضاف ”أنا أدرك أن أردوغان حقق بعض الانتصارات التكتيكية في سوريا وليبيا وفي قضايا أخرى، لكنه إما أنه غير مستعد أو غير قادر على تحويلها إلى مكاسب إستراتيجية، لأن ما يحتاجه هو دبلوماسية قوية، وليس تدخلا عسكريا قويا فحسب.“

ووفقا للتقرير، فإن تركيا لا تزال تعتبر شريكا لا يمكن الاستغناء عنه و“مشكلة في الوقت نفسه“ للدول الأوروبية، خاصة بعد قيامها بالتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط ما أثار انتقادات وإدانات واسعة في الاتحاد الأوروبي وقبرص واليونان ومصر وإسرائيل.

ولفت التقرير أيضا إلى الانتقادات الشديدة التي وجهتها دول الاتحاد الأوروبي لأردوغان بسبب قراره الأخير تحويل متحف ”آيا صوفيا“ التاريخي في إسطنبول إلى مسجد، مضيفا أنها أعربت في نفس الوقت عن استعدادها لخفض التصعيد مع أنقرة نظرا لأهمية تركيا في تحقيق الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية

2020-07-3-76

وقال نهاد علي أوسكان من مؤسسة الأبحاث الاقتصادية والسياسية في أنقرة: ”الحقيقة أن ما يسعى إليه أردوغان هو تولي زعامة المسلمين السنة في المنطقة، وتعويض خسارة النفوذ الإقليمي الذي تمتعت به الإمبراطورية العثمانية في السابق.“

وأضاف ”هناك من يدعم أردوغان وخاصة المتدينين في تركيا وآخرين في بعض مناطق الشرق الأوسط.. والواقع أن سياسة أردوغان بدأت تدفع بعض الدول الغربية لإنشاء تحالف مع عدد من الدول العربية لمواجهة مساعي الهيمنة التركية.“

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *