مأتم صامت

بقلم/د.علي الدرورة.

 

إحدى القطط (أبيض وأسود) اعتادت أن تمكث أمام الدار ولديها ابن واحد لونه أخضر (أخضر يشوبه سواد).

عدت إلى المنزل يهرب ابنها ليحتمي بين الأشجار الموجودة أمام المنزل، وظلّ يراقبني وهو على خوف.

ومضت أيام ونحن على هذا المنوال، على أنني والحق يقال، لا أقدّم لهم أيّ طعام، ولكنهم يأكلون من خشاش الأرض.
وذات يوم بعد عودتي من أداء صلاة الفجر حيث أتوقع وجودها أمام الباب ومكانهما المفضل هو العتبة.

وحين ترجلت من السيارة، لاحظت أنّ القطة تقف على ناحية الشارع العام في صمت، ولاحظت أنّ ابنها قد صدمته سيارة وهشّمت رأسه، وكانت الإصابة قاتلة فمات مكانه والدماء نزفت على الإسفلت.

تأملت في الأم وقد أدركت حزنها العميق على فراق ابنها الوحيد الذي كان يرافقها، وكان المنظر مؤثراً منعكساً على نفسيتي، فبقيت أنظر إلى الأم المكلومة وإلى ابنها ميتاً على الرصيف وقد لقي مصرعه.

قد أكون أمضيت دقيقتين متأملاً ذلك المأتم الصامت وقد شاركت القطة عزاءها في ابنها، وأظنها شعرت بحزني ومشاركتها الحزن على فقيدة؛ لأنها أدارت رأسها نحوه في البداية لتلفت انتباهي.

وظلّ المشهد أمام ناظري طوال اليوم، لا شك بأنه مؤثر، فالحيوان أيضاً كائن يعبد الله، وله روح وأحاسيس، وإن كنّا نحن البشر لا ندركها.

وكان ذلك الفجر هو آخر ما رأيتهما، فلم تعد الأم موجودة في الجوار أو ضمن نطاق الحي حيث كانت تعيش.
_____
منتدى النورس الثقافي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *