مجلس التعاون الخليجي و اليمن

بقلم  /  د. علي محمد جارالله

أعتقد أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي يتمنّون فك الإرتباط بين الجمهورية العربية اليمنية و جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، لسبب بسيط ان الجمهورية اليمنية هي الدولة الوحيدة بين السبع الدول في شبه الجزيرة العربية التي نظامها ليس ملكيا او أميري، فهي جمهورية، و وجود دولة نظامها يختلف عن أنظمة دول مجلس التعاون يسبب بعض القلق لهذه الدول، و كذلك تخشى دول الخليج من حالة عدم الإستقرار الداخلي في اليمن
الجمهورية اليمنية تعتبر الأكبر من حيث المساحة بعد المملكة العربية السعودية حيث تبلغ مساحة الجمهورية اليمنية 555,000 كم و هذه أكبر من مساحات كل دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة ما عدا مساحة السعودية 2,149,690 كم.
و بالنسبة لعدد السكان فعدد المواطنين اليمنيين يفوق عدد السكان المواطنين في دول مجلس التعاون مجتمعة.
بعد اعلان الوحدة اليمنية، أحس الجنوبيون ان أهداف و ممارسة الشماليون هو ضم و الحاق للجنوب و ليس وحدة، فصادروا كل حقول البترول و الثروات الأخرى في الجنوب.
الشماليون يقولون لا يمكن للجنوب ان ينفصل حسب دستور دولة الوحدة، و هذا كلام انشائي فهناك كثير من الدول انفصلت مثل باكستان من الهند، و بنجلاديش من باكستان، و لا ننسى في الوطن العربي عندما استعادة مصر و سوريا سيادتهما بعد الوحدة السورية المصرية.
الجنوبيون لا يطالبون بالإنفصال، و انما يطالبون بفك الإرتباط، كما قالت دول مجلس التعاون الخليجي (لا يمكن فرض الوحدة بالوسائل العسكرية).
*********
في يومي السبت و الاحد 4ـ 5 يونيه 1994م في مدينة ابها السعودية عقد المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي دورته الحادية و الخمسين برئاسة صاحب السمو الملكي الامير الفقيد سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية آنذاك، و بحضور جميع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، و انطلق إجتماع الوزراء الخليجيين من حقيقة ان الوحدة مطلب لابناء الامة العربية، فقد رحب المجلس بالوحدة اليمنية عند قيامها بتراضي الدولتين المستقلتين، الجمهورية العربية اليمنية و جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، في مايو 1990م، و بالتالي فان بقاءها لا يمكن ان يستمر الا بتراضي الطرفين و امام هذا الواقع المتمثل بان احد الطرفين قد اعلن عودته الى وضعه السابق و إستعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية فانه لا يمكن للطرفين التعامل في هذا الاطار، الا بالطرق و الوسائل السلمية، و تقديرا من المجلس لدوافع المخلصين من ابناء اليمن في الوحدة فانه يؤكد انه لا يمكن اطلاقا فرض هذه الوحدة بالوسائل العسكرية.

حدثت في العام 2019م أزمة كبيرة من وجهة نظر دول مجلس التعاون الخليجي كادت ان تؤدي الى حرب أهلية بين الجنوبيين و الشرعية الحاكمة، و رأوا ان هذه الأزمة تهدد امر الوحدة اليمنية، و خاصة عندما سيطر الجنوبيون على العاصمة عدن و سيطروا على مؤسسات الحكومة اليمنية الموجودة في عدن، فطلب الأشقاء في السعودية حل المشكلة بحضور جميع الأطراف الى جدة لحل الإختلافات و تجنب قيام حرب أهلية بين الجنوب و الشرعية الحاكمة قد تدوم لسنين طويلة إن قامت، و استطاعت السعودية ان تعين على تجنب هذه الأزمة بحكمة جميع الأطراف، و خاصة المجلس الإنتقالي الذي قبل و تراجع عن استيلائه على مؤسسات الحكومة، و أصدر بيانات أكد رضاه و قبوله بالشرعية اليمنية كما سنتها الأمم المتحدة، لا أعلم مقابل ماذا؟
رأى مجلس التعاون الخليجي ان موقف المجلس الإنتقالي الجنوبي موقفاً مشرفاً حيث انه أكد للسعودية بأنه سيقبل بما تريده، و كذلك سيبعد الحرج عن أكثر الدول الخليجية ايماناً بحق الجنوب يإستعادة دولته، و هي دولة الإمارات العربية.
انتهت الأزمة و لكن بقت المشكلة قائمة، حيث يقول الجنوبيون انهم حرروا ارضهم من غزو الرئيس السابق علي عبدالله صالح بمعية مليشيات انصار الله الحوثية في العام 2015م، و انهم بالرغم من إستعادة اراضيهم من المستعمر اليمني (كما يصرّحون) إلا ان التحالف لم ينصفهم، فأصبح انصار الله يسيطرون على الشمال، و اصبح الشماليون الذي فشلوا في تحرير اراضيهم يحكمون الجنوب، و هذا ما يرفضه الجنوبيون!!
********
ما تراه دول الخليج العربي، و خاصة المملكة العربية السعودية أن وجود نظام جمهوري مجاور، و عدد مواطنيهم يفوق عدد مواطني كل دول مجلس التعاون الخليجي قد يُعتبر قنبلة موقوتة قد تنفجر في اي وقت، لهذا يتمنّون دون ان يقولونها ان يكون هناك أكثر من يمن الى جوارهم فهذا جيد.
دعونا نرى الواقع:
شعب اليمن لم يكن متجانسا لا في الماضي و لا في الحاضر و لن يكون متجانسا في المستقبل، و ذلك بسبب الصراعات المذهبية.
– في الشمال توجد الفرقة الزيدية و هي من فرق الشيعة و التي انتشرت في هذه المناطق و حكمت لأكثر من الف سنة، و مركزهم في منطقة صعدة، ثم انتشرت على المناطق الشمالية الأخرى، رغم وجود خلافات سياسية تبرز و تخفت بينهم و بين القبيلة و العسكر في الشمال.
– في الغرب يوجد صراع أزلي بين الشيعة و اهل تهامة فهم من اهل السنة، و يعتبر شعبها من أكثر الشعوب اليمنية إستغلالاً من قبل الزيود الشيعة.
– في الوسط تعز، و اب و البيضاء، و هم جماعات سنية، اضدهما الزيود الشيعة كثيراً.
بإختصار يمكن ان تقوم دولة للشيعة في صعدة و صنعاء و ما جاورهما من المدن الزيدية مثل الجوف و حجة و عمران و مأرب، و ذمار، و في جنوب الدولة الزيدية تقام دولة من السنة من تعز و إب، و في الغرب تقام دولة تهامة السنية على البحر الأحمر و فيها الشوافع مثل الحديدة و حيس و زبيد و بيت الفقيه و غيرهم.
– في الجنوب تعود الدولة الجنوبية بننظام إتحادي بين محافظاتها.

الخلاصة:
ـــــــــــــــــــــ
على مجلس التعاون الخليجي أن يتبنى هذا الحل الذي سيكون مقنعاً للجميع بالمنطق.

د. علي محمد جارالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *