دولة عشائر (هل ستنجح يوماً؟)

العشائر مفهوم عشعش بالذهن منذ سنين طويلة جداً ويعني ان الرجل هو وبنو ابيه الاقربون يكونوا قبيلة صغيرة يوماً بعد يوم تشرع بالتكاثر والانتشار بكل بقاع الارض من أجل البحث عن العمل او للبحث عن عن مرعى للاغنام او غير ذلك…
كانت العشائر العراقية في العهد العثماني الذي دام قرابة اربعة قرون والعهدين اللذين اعقباه البريطاني والملكي تنفرد بنوع خاص من التنظيم الاداري والقضائي والانتاجي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي .فكثيرا ماكانت العشائر تسيطر على المسالك الوعرة وتعيش في مأمن من السيطرة .وبذلك أكتسبت نتيجة لهذه العزلة الجغرافية شيئاً من الاعتزار بتنظيماتها العشائرية وبلورة الولاء وتركيزه حولها ..
ولا ننكر في حاضرنا هذا ان درجة ثقافة العشائر و وعيها يتباين بين كل عشيرة تبعاً لما مرت به من تطور الزراعة واستخدام وسائل الري وزراعة المحاصيل المتنوعة فالاشخاص القائمين على هذه الامور هناك من سافر من اجل التعلم وتطوير ذاته اولاً ثم تطوير انواع المحاصيل …الخ
كان للعشائر دور من الصعب نسيانه او عدم ذكره فقد دخلت العشائر التاريخ من أوسع ابوابه حيث كان لعشائر الفرات الفضل بالتخلص من السيطرة البريطانية في عام 1920 بمواقفهم الخالدة التي سميت بثورة العشرين وكيف قدموا الغالي والنفيس من أجل الاستغلال واستنهضت جميع عشائر العراق حينذاك من الجنوب حتى الشمال كانوا كالدرع الواحد فتلك من قامت بمهاجمة قطارات المحتلين والاخرى من يهاجم المدرعات وغير ذلك الكثير الى ان اقتلع العراق حريته منهم عنوةً.
وبعد مرور هذه الاعوام كان للعشائر دور فعال ايضاً في القضاء على الطائفية التي اراد بعض المتطرفين اشعال فتيلها فتم اخمادها من قبل شيوخ عشائر وطننا وتكريس ابنائهم للدفاع عن عرضه وشرفه في جميع المحافظات بعيد عن الطوائف او القوميات والى الان يشاركون بما يملكون من ارواح وسلاح الذي لاتخلى منه عشيرة .
كل فرد بالعشيرة يملك سلاح او اكثر وبشكل عام البيت العراقي لايخلو من السلاح بجميع انواعه فبعد عام 2003 عندما ترك الجيش مواقعهم تخلوا عن اسلحتهم وحتى زيهم العسكري فماكان للمواطن الا الاستيلاء على هذه الاسلحة بصغيرها وكبيرها وحافظ عليها بكل الطرق عندما قامت القوات الامريكية بالتفتيش عليها فمنهم من دفن سلاحه بالارض ومنهم من جعل النساء تخبيه وغيرها من الطرق …
نلاحظ الان في بعض المحافظات الجنوبية بين فترة واخرة حدوث نزاع عشائري يسفر عن عدد ليس بقليل من الموتى بسبب امور لاتستدعي لرفع السلاح بوجه اخيه فتظهر المنطقة مسلحة مقابل منطقة اخرة كذلك كما حدث في السماوة قبل ايام وقبلها ذي قار حيث يشتد الصراع والعيارات النارية تصيب البريئ دون ان نعرف من المذنب حتى ولانرى للدولة رد بشأن هذا وكأنهم ينتظرون العشيرتين ينهون الامر بينهم ومن يقدم بشكو حينها يحاولوا التدخل ولكن من المعروف لدى العشائر ان من الشهامة والرجولة عدم اقحام الشرطة بأمورهم ويأخذوا الثأر او اخذ عطوة (ايام حتى يرضوا الطرف الخاسر) دون اللجوء للحكومة لم تمنع الجهات الحكومية حمل سلاح العشائر حيث أنها تلتجئ للعشائر كلما حدث امر او ازداد الارهاب فتأتي العشائر مساندة للدولة .
سؤال يطرح نفسه ترى هل الدولة تقوى بالعشائر لذلك لاتريد ان تتدخل بهم ؟
جميع الحكومات التي مرت على مدى العصور المختلفة لم تستطع ان تسحب سلطة العشائر او التقليل من حجمها على العكس تماماً في كل يوم تزداد اهمية العشائر وذلك بسبب واضح جداً هو لجوء اي مواطن لشيخ عشيرته ان حدثت معه مشكلة قبل ان يلتجئ لمركز الشرطة فمن لا تستطيع الدولة اخذه لعدم وجود ادلة او براهين تثبت ذلك العشيرة تأخذه اما عنوة او مايسمى بالعرف بالمشية ومنهم من ينهي الامر دون مقابل ومنهم من يأخذ مقابل محدود بالرغم انه يطلب مثلا على الرجل المقتول امراتان او ثلاث تكريماً للشيوخ الذي يحضرون والسادة من سلالة المعصومين عليهم السلام احفاد رسولنا الاعظم يتم التقليل من الشروط او المتطلبات فسابقا كانت تأخذ امراة فصلية والان تم استبدال الامر بمبلغ مادي يزوج اخ المقتول او احد ابناء عمه ..
لكن تبقى الدولة رغم كل هذا عاجزة دون العشائر فمنهم تستمد قوتها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *