وطن يتيم … وطن كئيب … وطن لا يعرف للأفراح عيد

  ! عجبًا لأناس قد يصنعون يومًا ليُتْمُ الأب والأم ، ولا يصنعون ألف يومٍ ليُتْمُ الوطن ، واليتيم هو الشخص الذي فقد أباه أو كلا والديه قبل أن يبلغ الحُلم … نقف اليوم أمام وطن قد فقد كلا والديه … ويعاني مرارة الفراق ، ولا أحد يحاول أن يضمه إلي صدره ، ويخفف آلامه التي كثرت ، سيظل وطننا العربي … يبكي … يصرخ … ولا أحد يبالي بذاك الصراخ ، نجتمع فقط لمهرجانٍ للفن الهابط ، ولا نجتمع مرة كي نقف على بداية طريق يصل بنا ، وبوطننا العربي إلى بر الآمان ، يصل بعزيمتنا ، وبرغبتنا الحقيقة والقوية ؛ كي نجعل وطننا العربي مثلما كان فى سابق العهد .
كل الدروب قد ضاعت معالمها والتي قد سلكها شعبنا العربي فى الآونة الأخيرة … أصبحنا كشارب الخمر المحترف … يشرب كل يومٍ ما يكفي كي يملأ جعبته … كي يطيح في الشوارع والأزقة عبثًا وتيها …
أصبحنا كالفئران … نخاف مواء القطط … نحفر جحورًا ؛ كي نتقوقع فى داخلها …هربًا من كل شئ … ويا ليتنا نحفر بأيدينا قبرًا … ولا أننا نرضخ لذل الإحتلال ، تشتتنا فصرنا كما الأنعام … التي لا تزرع لأنفسها قمحًا ، ولا تصنع لأنفسها بئرًا ؛ كي تشرب منه شربة ماء … وفي بداية اليوم تكل من وجع البطن فتنام … تنتظر معونة … أو تنتظر الموت … فهي لا تعرف إلا الإستسلام !
كيف لا نجتمع كي نتصدي لكل طبائع الإستبداد ، وكيف لا نمزق تلك الحدود التي أوضعتها براثن الإحتلال ، كيف لنا أن نكتب عن الحب والأتحاد ، والأخوة … وما يزال أبني متعثرًا في دخول بلدة عربية مجاورة … والسبب هو جواز سفرٍ ليس مختومًا علي الشباك …
ها هو اليُتْمُ يا من فكرت في أن تصنع يومًا لليتيم …ها هو يُتْمُ الوطن العربي…
– من يرعاك أيها الوطن ؟!
– من ينسيك أوجاعك أيها الوطن ؟!
– من يهدأ من روعك أيها الوطن ؟!
– هل عقمت كل النساء في أن تلد رجلًا ليس كأشباه الرجال الذين ما أكثرهم في ذلك الوطن ، رجلًا يعرف كيف يكون معني الوطن ، وكيف نقف سويًا كي نضع خارطة طريق نوجد من خلالها معني حقيقي مدروس للقومية العربية من خلال إقامة مهرجانات تثقيف ممنهجة لكل الدول العربية … عن القومية العربية ، وعن أحقية العرب في أن يجتمعوا تحت رأية واحدة … وكي ننحي خلافتنا الداخلية جانبًا … كي نحلق مثلما تحلق حاليًا الدول التي أوجدت بين شعوبنا العربية الفرقة …والخلافات…
– هل للعرب حق جماعة ” أي تكوين أمة ” ؟! هكذا قال عبدالغني العريسي في المؤتمر العربي الأول في باريس عن القومية العربية … وأجاب هو بنفسه قائلًا : «إن الجماعات في نظر علماء السياسة لا تستحق هذا الحق إلا إذا جمعت على رأي علماء الألمان وحدة اللغة ووحدة العنصر ، وعلى رأي علماء الطليان وحدة التاريخ ووحدة العادات ، وعلى مذهب ساسة الفرنسيس وحدة المطمح السياسي ، فإذا نظرنا إلى العرب من هذه الوجوه الثلاثة علمنا أن العرب تجمعهم وحدة لغة ، ووحدة عنصر، ووحدة تاريخ ، ووحدة عادات ، ووحدة مطمح سياسي ، فحق العرب بعد هذا البيان أن يكون لهم على رأي كل علماء السياسة دون استثناء حق جماعة ، حق شعب ، حق أمة ».
– وكي نعرف كيف نجحت دول الإحتلال في أن تطمس مسمي” الوطن العربي ” من كل قواميس اللغة ؟! لابد لنا أن نعرف أن وطننا العربي يقبع بين براثن إحتلالاً فكريًا وثقافيًا ، وإجتماعيًا ، وإقتصاديًا ، وأفرقتنا خلافتنا الداخلية ، وتشتتنا وصرنا مغيبين …
أقول لك قارئ العربي أخيرًا :
– كيف نحرر الأقصي ؟! 
وحاكمنا العربي في البارات والحانات يقيم …
– كيف نبني قواعد المجد ؟! 
ونحن في درب الفرقة الحمقاء نسير …
عزيزي القاريء : هذا هو اليُتْمُ بشكله الكامل … وأنا لا أقصد التقليل من يُتْمُ الأب والأم ومن ثم الإحتفال به … لكنني أريد أن أظهر للرأى العام العربي مفهوم جديد يندرج تحت مسمي ” يتيم ” وهو يُتْمُ الوطن العربي ! 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *