تحليل لما يحصل في لوزان السويسرية, وتأثيرها على الاحداث في المنطقة.

إذا أردنا أن نفهم ما يجري من مفاوضات ( بين إيران والدول الكبرى في مدينة لوزان السويسرية ) فلا بد لنا أن ننظر بعين ثاقبة ودقيقة لتطور الاحداث في الشرق الاوسط , والوطن العربي خصوصاً , ولذلك يمكننا إجمال التطورات في عدة نقاط وباختصار شديد :
1 – قلنا في مقال يوم أمس إن إيران قدّمت الكثير من التنازلات من أجل الحافظ على ماء وجهها لأنها أدركت إن أمريكا سحبتها الى ما تريد من حرب الاستنزاف الكبرى , والآن لا تستطيع أن تدير كل المعارك في البلدان الاربعة ( العراق , اليمن , سوريا , لبنان ) و لا يمكنها أن تستمر في الحرب مع وضعها الاقتصادي المتردي جدا , إضافة الى أنها لا تستطيع الانسحاب , بسبب السيكولوجية النفسية الايرانية الفارسية , التي تشعر دائماً بالعزة الفارغة ! كما يقول المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني ..!
2 – لو نظرنا بدقة وموضوعية وعمق الى انسحاب المليشيات من تكريت , وانسحاب سليماني لعرفنا ان سببه جاء متزامناً مع بدء المفاوضات في لوزان , في إشارة الى أمريكا بأننا قدمنا تنازلات من جانبنا و يبقى أن تتلطفوا علينا برحمتكم وتفرجوا عنا اقتصاديا …!
و إلا لو صدّقنا بعذر المليشيات وهو ( انهم انسحبوا بسبب طيران التحالف ) لكنا أكثر غباءاً منهم , لأنهم صدّعوا رؤوسنا يومياً على مدى العام المنصرم بافتخارهم بطيران التحالف فيا ترى ما حدى مما بدى ؟! مع الاخذ بنظر الاعتبار ان أي مليشياوي لا يستطيع أن يذهب الى دورة المياه ( wc ) الا بأمر إيراني , وهذه عقيدتي في هؤلاء القوم ..!
ولذلك أمريكا و الدول الكبرى وجدت هذه فرصتها الذهبية في تأديب ذلك الولد الخارج عن طاعة أبيه فقالت : لماذا لا أضغط على المفاوض الايراني , و أكسب تنازلات أكثر ؟!
3 – ولهذا المفاوض الإيراني أرسل الرسالة الأخرى إلى أمريكا وذلك بتصريح نائب وزير الخارجية الإيراني اليوم حيث قال : (( أدعوا الأطراف اليمنية الى ترك القتال والعودة للحوار السلمي )) الذي يعني : ان ايران تعلن تخليها عن الحوثيين رسمياً ؟!
وعلى هذا الاساس وصل لافروف وزير الخارجية الروسي الى لوزان , لأنه ترك الايرانيين يوم أمس لعنادهم الفارغ و غبائهم السياسي المطلق الذي سيؤدي بحياة روسيا , فعاد على أثر المرونة التي ابداها المفاوض الايراني لأمريكا بسبب التصريح آنف الذكر..!
4 – ثم لو رجعنا الى وضع الدول العربية ودول الخليج العربي بالخصوص وكيف أنهم استشعروا أن الأسد على حافية الهاوية , فأقاموا مؤتمراً لدعم سوريا ماديا وتكفلهم بالشعب السوري بكل احتياجاته , مما يشير الى أنهم فهموا بدقة ما يدور من مفاوضات في لوزان , ولعله – على نحو الاحتمال – ان المفاوض الإيراني قد تنازل عن الأسد لأنه أدرك إن نهايته ستكون مدمرة إذا لم يسحب يده من الاسد , ولكنه لا يعلن هذا , كما أن أمريكا ليس من مصلحتها إعلان هذا , باعتبارها تخشى من سيطرة المتشددين ( كجبهة النصرة وداعش ) على الوضع في سوريا , ولذلك هي تدرب الجيش الحر لأجل مسك سوريا بعد الاسد … !
5 – قد نسمع اليوم اعلان اتفاق بين الدول الكبرى وايران , وربما نسمع في الاعلام ان إيران انتصرت وسيطبلون ويزمرون , ويعلنون النصر على أكبر الدول المتغطرسة في العالم كما هو ديدنهم , ولكن تيقنوا إنه مجرد بالونات , ومسرحيات هوليودية ..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *