غضبة لله يا أمة المليار والنصف

 .
 في هذه الأيام المباركة التي تظللنا فيها نفحات الخالق وأنوار الطاعة أتذكر أحوال المسلمين، وعلى الرغم من شدة الحرارة وطول ساعات الصيام أجد نفسي تزهد حتى في اللقيمات وخاصة عندما أجول بذهني في شؤون أمتي التي يحاصرها الضعف والوهن من كل مكان ويصارعها الموت في أماكن متفرقة فيها ومتعددة بها.
 آن لي أن أستريح أو يهدأ لي بال وأنا أنزف دمًا لأمة تحتضر شعوبها ممزقة، صراعاتها لا تنتهي، نزاعاتها ممتدة في آفاق المعمورة، أمة مهلهلة تبدد مواردها وتضيع ثرواتها وتكتب بيدها نهايتها، آن لي أن أكسر صيامي وأنا أعيش هول المعاناة التي خلفتها حالة المسلمين الآن ولن أذهب بعيدًا، أين أمتنا الإسلامية التي يبلغ عددها مليارًا ونصف المليار من أوضاع المسلمين في بورما الذين كتب عليهم أن يعيشوا ليموتوا؟
 إن معاناة المسلمين في بورما لا تستطيع الأقلام مهما بلغت أن تصفها فهم يعيشون جحيمًا حقيقيًا بين قتل وتجويع وحرق وتشريد وإبادة وتسخير إلى غير ذلك، ولقد توقفت عند عبارة تصف ما يحدث فيها تقول إن قطار الموت يسير فيها بلا توقف، وذلك نتيجة للمجازر الوحشية التي تأنف من فعلها الحيوانات.
 إن ما يحدث في بورما أقل ما يوصف به إبادة عنيفة من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة هناك ممن ينتمون إلى البوذية ويطلق عليهم جماعة الماغ البوذية المتطرفة، هذه الجماعة أعلنت الحرب المقدسة على المسلمين.
 ولم ينته الأمر عند أشكال الإيذاء البدني والنفسي وإنما توغلوا إلى مستوى تدمير كل أثر يمت إلى المسلمين بصلة فعاثوا فسادًا في أرض المسلمين يهدمون المساجد والمدارس ويحرقون المنازل والمزارع وينهبون خيرات المسلمين، حقًا لقد بلغ من غيهم أن ساموا المسلمين سوء العذاب وأنزلوا عليهم أقسى صور الظلم والعنف والقسوة.
 فمن لمحنة المسلمين في بورما؟ لقد أعلنت الأمم المتحدة أن مسلمي بورما الأكثر تعرضًا للاضطهاد في العالم فماذا فعلوا؟ شجبوا أنكروا قدموا احتجاجات لدى حكوماتها لا تكفي شعبًا يباد على مرأى ومسمع من العالم بأسره والكل في سبات عميق.
هل رأيتم شعبًا يتوارث العذاب جيلًا بعد جيل؟.. إنه شعب الروهنجا.
 ومما يدعو للأسف الشديد والأسى العميق موقف الأمة الإسلامية المستغرقة في غفلتها من هذه القضية، لقد ربانا الإسلام على أن الأمة التي ننتمي إليها جسد واحد يستشعر بآلامها كل عضو بها.
الأمة الإسلامية تمتلك الكثير الذي يقدم لهذا الشعب اليائس من نصرته.
 أين المسلمون في بقاع الأرض من نصرة المظلوم؟ لقد حثنا ديننا على أن نتقدم الصفوف للوقوف بجانب المظلوم ندفع عنه بكل ما أوتينا من قوة وقدرة وطاقة وإمكانيات حتى نرفعه عنه ونبعده عنه ونحميه من شره وأذاه.
 فهلا قمنا بواجبنا تجاه هؤلاء الذين تحولت أرضهم إلى أغدود من الجحيم أم أنهم ضحية لحالة الأمة الهزيلة؟
أين نجدة الملهوف الواجبة التي فرضها الإسلام ودعا إليها وحث عليها.. أين هي؟
هل من مجيب؟ هل من مغيث؟
العجيب أننا بلغنا حدًا من الفوضى والصراعات الطائفية بدد طاقاتنا والتهم مقدراتنا.
ومزق وحدتنا وشتت جهودنا، ماذا لو وجهت هذه الحروب إلى من يلتهم أبناء أمتنا يومًا بعد يوم؟
 واسمحوا لي أن أذهب بعيدًا.. أين هؤلاء الذين يقتلون الأبرياء من المسلمين كل يوم وفي كل مكان؟ أين هم من الدفاع عن مسلمي بورما؟
 أليسوا يتمسحون في الإسلام ويدعون الدفاع عنه؟ أين هم من هذه الحرب المقدسة التي فرضتها جماعة الماغ البوذية الإرهابية؟ يبدو أن ادعاءهم كاذب وأنهم يتساوون في الحكم عليهم مع الماغ بالإرهاب الأعمى؟
 يبدو أن مأساة المسلمين في بورما لم يسمع بها أحد على الرغم من أن ذكرها وآثارها يشيب لها الولدان وتقشعر من فظاعتها الأبدان.
 أيها المسلمون في كل مكان إن ما يقرب من عشرة ملايين من أبناء الإسلام يذبحون بالسكاكين في حفلات موت جماعية وتحرق جثثهم في محارق أشبه بالمحارق المعروفة.
فماذا أنتم فاعلون؟
أفيقوا تحركوا فأين حق هؤلاء علينا كمسلمين؟
 أعلم أن الأزهر الشريف عقد مؤتمرًا موسعًا اشترك فيه فضيلة الإمام الأكبر والذي طالب سفير بورما برفع الظلم عن المسلمين، كما أن وكيل الأزهر قد صرح في إحدى الدورات التدريبية التي يعقدها الأزهر لوعاظ العالم بأن مسلمي بورما يعانون أشد المعاناة ويتحملون ما لا يتحمله بشر.
 فهل ستمتنع الجماعات المتطرفة هناك ومن يخلي سبيلهم عن إلحاق الأذى الدائم والمستمر بالمسلمين هناك.. لا أظن مطلقًا.
 إننا أمام تحدٍ خطير كلما تركناه استشرى، ولابد من اتخاذ كافة الإجراءات السريعة وعلى كافة المستويات الدبلوماسية والعسكرية والدولية لوقف هذه المهزلة التي لا تقبل دينًا ولا خلقًا.
 غضبة لله يا أمة المليار والنصف مليار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *