الرئيس بوتفليقة سن قانون تجريم التحرش بعد أن شاهد مسلسل العشق الممنوع

قرر الرئيس بوتفليقة سن قانون تجريم التحرش بعد أن شاهد مسلسل العشق الممنوع، وقررت عضوات البرلمان التصويت على القانون وفاء للمرحوم الشاب عقيل الذي غنى أغنية “العشق الممنوع”، ويبدو أن العشق في عهد القانون الجديد صار ممنوعا، كما يقول المتحرشون.. هذا جزء يسير من حملة التنكيت التي أطلقها الجزائريون على قانون تجريم التحرش. وقبل الدخول في تفاصيل هذا الروبورتاج “الساخر” نريد أن نؤكد أن نقلنا لهذه التعليقات لا يعني بالضرورة أننا على قناعة بها، وهذا طبعا ليس بسبب الخوف من الوقوع تحت طائلة القانون الجديد.
 عاد الرجل بعد صدور قانون حماية المرأة من العنف والتحرش إلى قصة سيدنا آدم القديمة مع أمنا حواء، التي تشير رواية “غير صحيحة” لها أن حواء أقنعت آدم بالأكل من الشجرة فخرجا من الجنة، ولن يهدأ لبناتها بال قبل الزج بأبناء آدم في السجون. وحول القانون يقول تعليق على الشبكة العنكبوتية “النقابة “تتحرش” بوزيرة التربية بن غبريط والمحتجون في الجنوب “يتحرشون” بشركة سوناطراك، لهذا يمكن الزج بالنقابة والمحتجين في السجن بتهم التحرش”. 
وقد تحولت القوانين التي تعطي حقوقا إضافية للمرأة في الجزائر إلى موضوع سخرية، ولم يجد الجزائريون من المعارضين لطريقة التسيير التي ينتهجها أركان حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من وسيلة للتعبير عن رفضهم للتعديلات التي أدخلها البرلمان الجزائري على قانون الأسرة، ثم قانون حماية المرأة من العنف والتحرش الذي يعطي للمرأة الجزائرية لأول مرة في تاريخها حق إيداع شكوى ضد زوجها في حالة تعرضها للضرب من قبله وتصل عقوبة الزوج إلى السجن، كما يسمح القانون للمرأة ضحية التحرش باللجوء للقضاء من أجل إيداع شكوى، وقد أثار القانون الجديد تعليقات من الرجال والنساء على حد سواء. 
 
الحبس لـ..”الرجالة”
تقول الحكمة القديمة “الحبس للرجالة”، ويبدو أن السلطة طبقتها بحذافيرها دون تعديل، فلو أن الحكمة قالت الحبس للنساء لتغيّر الوضع. وقال أحد المعلقين على قانون حماية المرأة: “الآن فقط فهمت الحكمة من وراء بناء عشرات السجون الكبيرة بجدرانها الإسمنتية.. لقد خصصت للرجال بعد تطبيق القانون، فالمشرّع يعلم يقينا أن تطبيق القانون الجديد لحماية المرأة سيجر عشرات الآلاف من الرجل إلى غياهب السجون، وهذا عين العقل”. وتقول عبارة ساخرة حول موضوع تجريم التحرش على لسان النساء “كنا في رحمة قبل قانون بوتفليقة”، والمقصود هو أن عدم التحرش في الشوارع أثار قلق النساء. وتشير عبارة ثانية “الرجالة من بكري غي يتسببوا”، أي أن القانون الجديد جاء لتكريس اختفاء التحرش بالفتيات من الشوارع بسبب “زهد الرجال في النساء”. وتشير آخر “نكتة” إلى أن قانون حماية المرأة من العنف والتحرش كان يجب أن يتضمن مادة تمنع الرجل من مشاهدة النساء الجميلات وبعض المشاهد في التلفزيون والأنترنت، لأن هذا أيضا هو نوع من العنف ضد المرأة.
وتقول حكاية يتداولها الناس في الجزائر بعد صدور قانون تجريم التحرش “إن مجموعة من الفتيات القبيحات رفعن دعوى قضائية ضد الرئيس بوتفليقة، لأنه حرمهن من الإحساس بالأنوثة”، وتقول “كنا في نعمة عندما كان التحرش باطل أي بلا مقابل”، وبعد أن بات المعاكسة ممنوعة في القانون الجزائري فإن الفتيات القبيحات قررن تشكيل نقابة للمطالبة بحقوقهن في التحرش. وتقول نكتة ثانية إن شابا أراد خطبة ابنة قاض فوجّه طلبا رسميا للقاضي للإعفاء من توجيه تهمة التحرش لأن غرضه شريف، أما آخر نكتة فتقول إن الفتيات سيحملن معهن لافتات تحمل عبارة “التحرش مسموح لأصحاب الغرض الشريف”، وحكم قاض على شاب متهم بالتحرش بالإعدام ليس بسبب أنه تحرش بل لأن الفتاة كانت.. قبيحة.
تحرش شرعي أم عرفي؟ 
 إذا كنت من المتحرشين فإنه يمكنك الإفلات من العقوبة بالتحرش شرعيا، هكذا يقول رواد الأنترنت، فكما أن الإسلام أباح النظرة الشرعية للخاطب قبل الزواج، فإن التحرش من أجل الزواج يعدّ “تحرشا شرعيا”. أما التحرش من أجل علاقات لا يقبلها المجتمع فهذا “تحرش عرفي” يعاقب عليه القانون. وقد بدّل المتحرشون الحكمة القديمة القائلة “كل حاجة بالقوة إلا المحبة بالسياسة” إلى “كل حاجة بالقوة إلا المحبة فهي بالحبس”. وغيّرت نكتة أخرى مقطع قصيدة الشاعر الكبير أحمد شوقي من “نظرة فابتسامة فلقاء”، إلى “نظرة فابتسامة فسجن”. 
وتحول قانون تجريم التحرش في حد ذاته إلى موضوع سخرية، فبينما تمر فتاة جميلة يبادرها شاب متحرش بالقول “أختي أنت تستهلي عام حبس”، يعني أنه مستعد لدخول السجن من أجلها عاما كاملا وليس 6 أشهر مثلما ينص عليه القانون. كما بات التحرش في حكم القانون أنواعا: عرفي وشرعي، أما الشرعي فهو التحرش بالفتيات بعد تبادل نظرات الإعجاب، والعرفي فهو التحرش بالفتيات دون تبادل النظرات ودون الحصول على إذن من الفتاة. وبات الآن المتحرشون مجبرون على ابتداع تقنيات جديدة من أجل الإفلات من العقاب لأن القانون بات صارما، مثل إخفاء الهوية، وعدم الاقتراب من أية فتاة أو سيدة يمكنها التعرف على هوية المتحرش. وتقول تعليمات الأمن “لا تتلفظ بعبارات يمكن للفتاة تذكرها بسهولة ولا ترتدي ملابس مثيرة للانتباه”، ومع سلسلة من التعليمات ستحول المتحرش إلى رجل مخابرات.
مكافأة عدم متابعة المرأة للأخبار السياسية
في الجزائر لا يزيد عدد النساء اللائي يتابعن المستجدات السياسية عن 30 بالمائة، حسب إحصائية تقريبية نشرتها قناة “أم. بي. سي” استنادا لدراسة أعدها معهد “غالوب” الأمريكي لسبر الآراء قبل 15 سنة حول متابعة المرأة العربية للمستجدات السياسية. وبفضل عدم متابعة المرأة للأخبار السياسية حازت المرأة على رضا المسؤولين في السلطة، فقرروا “التكرم” عليها بالمزايا القانونية المختلفة. والمثير في هذا هو أن قانون ترقية المشاركة السياسية للمرأة حدّد نسبة 30 بالمائة من القوائم أعاد تعليق سبب المزايا القانونية التي منحتها السلطات للمرأة في السنوات الأخيرة وأدى إلى مقاطعة الرجال للانتخابات، وقال التعليق “يديروها الكبار يحصلوا فيها الصغار”، ومعناها أن السياسيين المعارضين طلبوا من الرجال مقاطعة الانتخابات، وبينما استجاب عدد كبير من الرجل لدعوة المعارضة هاهم الآن يدفعون الثمن. 
وقال تعليق آخر حول دور المرأة في حياة الرجل “أُم وزوجة وأخت وبنت وتدخل للحبس!” في تعبير عن الميزة القانونية التي أعطاها القانون الجديد للسيدات. وتشير نكتة جديدة إلى أن الحكمة من وراء القاعدة الفقهية المتعلقة بالميراث “للذكر مثل حظ الأنثيين” بسيطة، وهي أن الرجل يحتاج للحصة الثانية من المال حتى يصرفها على المحامين أثناء مواجهة الشكاوى التي سيواجهها من قبل زوجته.
الضرب ممنوع من.. “بكري”
لا يتعلق موضوع السخرية فقط بقانون تجريم التحرش بل يتعدى إلى موضوع حماية المرأة من العنف، ففي موضوع منع الرجال من ضرب زوجاتهم، يقول تعليق “لقد منع بوتفليقة ضرب الرجل للمرأة عندما منع بطريقة ذكية للغاية تعدد الزوجات، حيث بات من المستحيل بالنسبة للرجل الزواج مرة ثانية في ظل القانون الجديد الذي يشترط رخصة من رئيس المحكمة، وطبقا للحكمة الجزائرية القديم القائلة “اضرب النساء بالنساء”، أي أضرب زوجتك بزوجة ثانية فإن ضرب الزوجة بات ممنوعا بكل الوسائل”. ويقول تعليق آخر إن قانون ترقية المشاركة السياسية للمرأة التي باتت وزيرا وعضوا في البرلمان وواليا ورئيس بلدية يحتّم على الزوج عدم ضرب زوجته لأنه عندما يضربها “يضرب الدولة”، ويقول آخر “قرر الجزائريون الهجرة إلى السعودية لأن فيها ملكا لا يظلم عنده الرجال، فيما قررت نساء العالم الهجرة إلى الجزائر لأن فيها ملكا لا تظلم عنده النساء”. وقد أتاح قانون حماية المرأة من العنف فرصة ذهبية للرجال من أجل الحصول على عطلة من الحياة الزوجية، حيث يقول تعليق آخر “إذا كنت ترغب في الابتعاد عن الضغط والحصول على عطلة فما عليك إلا أن تنهال ضربا على زوجتك فتحصل على 6 أشهر عطلة في فندق مع ضمان المبيت والأكل”.
«الولية” صارت.. “غولة” 
عمل القاضي المتقاعد علال ميري 45 سنة في الفصل في قضايا الأسرة، وهو يرى أن القانون لا يكفي وحده لترقية وضعية المرأة في أي بلد. ويقول ميري قاضي متقاعد في العقد الثامن من العمر “يجب أن نعترف أن المرأة في الجزائر كانت قبل قدوم الرئيس بوتفليقة بحاجة للحماية، لكنها تحوّلت بطريقة أو بأخرى من “ولية” كما هو متعارف في الجزائر إلى “غولة” بسبب الإفراط في إصدار القوانين لحمايتها”. وأضاف إنه كما أن للقانون ايجابيات قد تكون له سلبيات من جهة النتائج الاجتماعية للقانون، مثل العزوف عن الزواج وتراجع دور الرجل في المجتمع الجزائري الذكوري.
حماية المرأة من التحرش بات أكثر من واجب 
ويقول المحامي محمد ذهنال، عضو البرلمان السابق: “لقد تأخرت الجزائر كثيرا في تشديد العقوبة في حق المتهمين بممارسة التحرش، لأن التحرش بالمرأة العاملة بشكل خاص أخذ أبعادا شديدة الخطورة”، ويضيف “إن صدور القانون لن يغيّر من الواقع شيئا، لأن حالات التحرش يصعب إثباتها في أغلب الحالات”، ويضيف ذهنال: “أنا أعرف عشرات الحالات التي تم فيها التحرش بعاملات إلا أن أغلبهن رفضن إيداع شكاوى خوفا من الفضيحة وخوفا من رؤسائهم في العمل”. ويرى أن ضرب الزوج للزوجة يعد أمرا معيبا في حق الرجل قبل المرأة، وأن العلم الحديث أثبت أن ضرب الزوج لزوجته له تأثير مدمر على نفسية الأطفال في الأسرة، وهو ما دفع السلطات لإصدار قانون لحماية المرأة.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *