خادم الحرمين الشريفين…الصوت الأكثر صرامة في دعم مصر الديبلوماسية السعودية في 2014 م .. مواقف أكدت قوة التأثير السعودي


 


حمل عام 2014م في المملكة العربية السعودية، عناوين عريضة لمواقف خادم الحرمين الشريفين القائد الأعلى للقوات المسلحة، الملك عبد الله بن عبد العزيز، علت فيها نبرة الحسم بامتياز، دفع من خلالها القرار السياسي السعودي خطوات نحو الأمام، ليحتل مرتبة متقدمة ضمن قائمة القرارات ذات التأثير الإقليمي والدولي.

 

كان 29 أبريل 2014م، هو العنوان الأكثر قوة ومفاجئة لمتابعي الشأن السعودي هذا العام، وفقاً لتقرير أعده المحلل الأميركي سايمون هندرسون، حين أقامت الرياض عرضاً عسكرياً ضخماً في مدينة حفر الباطن (شمال شرقي العاصمة)،  في اختتام مناورات “سيف عبد الله”، أشركت فيه وللمرة لأول صاروخين صينيين من طراز DF-3، قادران على إصابة “أهداف جغرافية بعيدة المدى”، وهو ما اعتبره المحلل الأميركي رسالة على أن “قوة الرياض ليست في سياستها فحسب، بل في قواتها المسلحة كذلك”.


وقد سبق هذا العرض العسكري رفض السعودية، في نهاية 2013، شغل مقعد في مجلس الأمن، ما أثار كثيراً من الاضطراب لدى بعض الدول التي استدعت ذاكرتها “قوة التأثير السعودي” إذا ما تحركت الرياض، وهو ما عايشه العالم في أكتوبر عام  1973م، حينما لعبت باقتدار بسلاح “النفط” لحسم معركة عسكرية وللمرة الأولى لمصلحة العرب خلال مواجهاتهم مع إسرائيل.


واشدت وتيرة الأحداث، حيث ازداد موقف الرياض صلابة ووضوحاً، وعلت وتيرة البيانات الصادرة عن خادم الحرمين الشريفين، محذراً فيها العالم من خطورة “ازدواجية المعايير” في التعاطي مع الملفات التي تشهدها المنطقة، مشيراً إلى أنها باتت تهدد أمن العالم أجمع، الأمر الذي دفع واشنطن إلى توجيه بوصلتها نحو الرياض بإقرار تام بصوابها، فحلّ رئيسها “باراك أوباما”، ضيفاً عليها في مارس2014م،  ليجد في انتظاره أميرها آنذاك خالد بن بندر، وحيداً في استقباله قبل أن ينتقل عبر مروحية للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز في “روضة خريم”، التي يقضي فيها العاهل السعودي فترة الربيع. وخلال اللقاء نقل خادم الحرمين الشريفين، رسائله بوضوح إلى الرئيس الأميركي، الذي دعاه قادة الرأي العام الأميركي إلى ضرورة “الاستماع بعمق” إلى نصائح الملك عبد الله بن عبد العزيز، -يحفظه الله-.


الصوت الأكثر صرامة في الوقوف مع مصر

 

حمل يوم الثالث من يونيو من 2014م، رسالة أخرى أكثر وضوحاً وحسماً، من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -يحفظه الله-، حينما أعلن صراحة عن تأييده لرغبات الشعب المصري في اختياره للمشير عبد الفتاح السيسي رئيساً له، وبعث برقية تهنئة عقب إعلان فوزه بساعات قليلة، اعتبرها البعض خريطة طريق لمصر للعبور من أزمتها، وتجاوز ما تواجهه من محاولات لـ “تفتيت وحدتها”.


وقال الملك عبد الله بن عبد العزيز، في برقيته: “في يوم تاريخي، ومرحلة جديدة من مسيرة مصر الإسلام والعروبة، يسرنا أن نهنئكم بالثقة الكريمة لشعب أودعكم آماله، وطموحاته، وأحلامه لمواجهة مرحلة استثنائية من تاريخ مصر الحديث”. وأضاف أن: “شعب مصر الذي عانى في الفترة الماضية من فوضى، أسماها البعض ممن قصر بصره على استشراف المستقبل بالفوضى الخلاقة التي لا تعدو في حقيقة أمرها، إلا أن تكون فوضى الضياع، والمصير الغامض، الذي استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها”.

وتابع أن: “هذه الفوضى الدخيلة علينا، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، قد حان وقت قطافها دون هوادة، وخلاف ذلك لا كرامة ولا عزة لأي دولة وأمة عاجزة عن كبح جماح الخارجين على وحدة الصف والجماعة”، داعياً إلى انعقاد مؤتمر للمانحين لمساعدتها على تجاوز الأزمة الاقتصادية.


ولم يكتف خادم الحرمين الشريفين بإرسال برقية التهنئة إلى الرئيس المصري، بل عرج خلال عودته من المغرب في طريقه إلى الرياض على القاهرة، وتوقف بها في 20 يونيو الماضي لساعات قليلة، كانت كفيلة بإعادة الثقة الدولية في القيادة المصرية الجديدة المنتخبة، وهو ما التقطه الرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي، وعبر عن موقفه في مشهد تاريخي غير مسبوق في الديبلوماسية المصرية من قبل، وطبع على رأس خادم الحرمين الشريفين قبلة باسمه واسم ملايين المصريين، تعبيراً عن امتنان القاهرة لمواقفه ودعمه لها، وذلك قبل أن يستقبله الملك عبد الله بن عبد العزيز، مجدداً في جدة في 10 أغسطس 2014م، ليؤكد له خلال اللقاء وقوف الرياض معه ومع حفظ الأمن والاستقرار في بلاده.


إن الدعم الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين إلى مصر، لم يقتصر على ذلك، بل جعل القاهرة عنواناً حاضراً في أية مصالحات خليجية – خليجية، وفرض على أجندة هذه اللقاءات شعار “مصر أولاً”، وقادت الديبلوماسية السعودية حواراً طويلاً ومجهداً لفرض الحضور المصري على المشهد الخليجي، وهو ما عبّرت عنه “قمة الدوحة” الأخيرة في بيانها الختامي، إذ شددت على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في مصر.

 

ولي العهد يعيد التأكيد على دعم الرياض للقاهرة

 

أعرب ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، الأمير سلمان بن عبد العزيز، عن دعم الرياض ووقوفها إلى جانب القاهرة في الشدة والرخاء، وقال: “ستبقى السعودية حكومة وشعباً بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أخاً وفياً تقف جنباً إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء”.

 

وصرح لدى وصوله إلى القاهرة، للحضور نيابة عن خادم الحرمين الشريفين حفلة تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر، “في هذا اليوم المبارك الذي أصل فيه إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله -، لحضور حفل تنصيب فخامة الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي، يسرني أن أعبّر عن السعادة البالغة بهذه المناسبة التي تمثل نقطة تحول عظيمة لمصر نحو الأمن والاستقرار والسير في طريق التنمية المستدامة -بحول الله وقوته -.

 

نأمل بإذن الله أن يكون انتخاب فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إيذاناً بدخول مصر في عهد جديد، حيث كما قال سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ أيده الله ـ، إنه يوم فاصل بين مرحلتين، بين الفوضى والاستقرار، ولا تبني الأمة مستقبلها ولا تقيم عزتها دون استقرار، ولا شك بأن تولي فخامته قيادة أرض الكنانة وشعبها الكريم سيحقق لشعب مصر -بإذن الله – تطلعاته التي يصبو إليها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *