العيد سارداً لتاريخ المجتمع

 

بقلم/ د. علي الدرورة.

تعدّد النتاج الثقافي للإعلامي الأديب سلمان بن محمد العيد مدير تحرير مجلة الخطّ سابقاً الذي اكتسب خبرة في عالم الإبداع الذي مكّنه من الانطلاق من هذه القاعدة الصلبة إلى عوالم ثقافية متعدّدة.

حيث أبدع في الرواية والنقد والاقتصاد والشعر واللسانيات والأدب بصفة عامة، ويعدّ اليوم من أبرز الروائيين في محافظة القطيف حيث أصدر إحدى عشرة رواية متنوعة وجميعها تصبّ في التاريخ الاجتماعي المحلي الذي استلهم أحداث رواياته من مسارح الحياة اليومية في مناطق القطيف، ذلك المكان الخصب بأشكال الحياة اليومية منذ القدم وحتى اليوم، الأمر الذي جعله الروائي الأول في مناطق القطيف، إذ تخطّى من سبقوه في عالم الرواية.

إنّ انطلاق إصدار روايات العيد منذ عام 2014م وحتى اليوم أعطى انطباعاً وزخماً كبيراً تجاه المسار الروائي المحلي الذي انطلق منه إلى فضاءات ثقافية أكثر رحابة لا سيّما حضوره في معرض الكتاب في القاهرة في دورته الخمسين بأربع روايات طبعت دفعة واحدة في مصر أيضاً، وقد كانت تلك الخطوة العملاقة هي الأولى له دولياً التي أحرزت السبق بين الروائيين في مناطق القطيف، وربما السعوديين، حيث إنه لم يصل لأسماعنا من قدّم أربع روايات دفعة واحدة في معرض الكتاب وللسنة ذاتها.

الجميل في الأمر أنّ العيد لديه سمة قوية في عالم السرد وآفاق تتجلّى في روح العطاء الفتي لكلّ جماليات السرد بكلّ معطياته.
إنه روائي يعمل في صمت مكّنه أن يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأنّ عزيمته الروائية مقبلة على تخطّي الأفق الإقليمي مستقبلاً ليكون في مصافّ الروائيين على مستوى العالم.

وهذا مسلسل الروايات التي طبعت بين عامي (2014-2022):

1. عفواً .. الروح رياضية. دار ريادة جدة.
2. التاروتي والسبع صنايع ـ دار أطياف بالقطيف.
3. مواقف تعانق الزمن. دار أطياف.
4. مفلسون في عصر الذهب. دار الميرا بمصر.
5. حوار في عرض. البحر .. دار الميرا بمصر.
6. خيوط الأمل المفقود. دار الميرا بمصر.
7. لؤلؤة الرماد. دار الميرا بمصر.
8. عذراء في زمن الغدر.. دار ريادة للنشر في جدة.
9. السوسنة التي أجهضت الآمال. دار ريادة.
10. البحث عن منفى. دار ريادة.

والملاحظ توظيف التاريخ الاجتماعي للغوص في بعض الروايات والأحوال المعاصرة للطبقة العاملة والباحثة عن لقمة العيش الشريفة في بدايات التحول الاقتصادي عند ظهور البترول في المنطقة كما في روايته: (مفلسون في عصر الذهب).

كما نلاحظ توظيفه للحكايات التي مرّ بها المجتمع من خلال السجلات والوثائق التي جعلت من حنكته الإعلامية استخلاص تلك التجارب ولا سيّما أنه عمل في الإعلام لمدّة عقدين من الزمن حيث مرّت به قضايا كثيرة، ونجد في روايته: (السوسنة التي أجهضت الآمال)، وكذلك روايته الأخرى: (عذراء في زمن الغدر).

إنّ دخوله في عالم النقد مكنه من معرفة تتبع تفاصيل السرديات الدرامية بحبكة متعدّدة المسارات، ولهذا لا تستعصي عليه الحكاية أو المفردة أو تفاعل أبطال تلك الروايات، وحتى توظيفه لتلك السرديات جعلت وكأنها مشاهد درامية كما في روايته: (مواقف تعانق الزمن) التي كان مسرحها الدرامي بين مزارع تاروت وطرقات دارين وصيد الأسماك في سنابس.

روايته القادمة: (وأزهر الريحان من جديد) التي اطّلعت على حيثيات تفاصيلها السردية مثال رائع في عالم الرواية المعاصرة، وهي ذات تفاصيل اجتماعية بين شخصيتين فرّقتهما الخلافات والمشاحنات ثم اجتمعا وتصالحا ليزهر الريحان من جديد، وعلى الرغم من لطافة الرواية اجتماعياً، إلّا أنّ العيد بخبرته قد وظّفها تراجيدياً فيها.

العيد الذي عرف إعلامياً وخاصة الصحافة الاقتصادية ردحاً من الزمن، بات الآن سارداً في مصافّ الروائيين بكلّ جدارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *