حيث منظمة مجاهدي خلق بأنها تقف خلف الانتفاضة إيران و هاجس الرعب من التغيير

   هناك أوساط سياسية و اعلامية، تسعى بصورة أو بأخرى الى التقليل من دور الاوضاع الداخلية و التحرکات و النشاطات المختلفة للشعب الايرانية من التأثير على نظام الجمهورية الاسلامية و تشکيل هاجس خوف و رعب لها، هؤلاء يؤکدون بأن هاجس هذا النظام يتجلى و يتجسد في العدو الخارجي دون غيره.
إلقاء نظرة على خلفية جانب من التصرفات و الاجراءات المختلفة التي إتخذتها السلطات الايرانية ضد التحرکات المعارضة لها و ضد النشاطات الشعبية التي کانت قائمة ضدها، وکيف انها بطشت بتلك التحرکات و النشاطات و نفذت أحکام الاعدام بالالاف و في فترات قياسية لانظير لها في التأريخ المعاصر، مثلما انها إلتزمت نهجا قمعيا جعل من العنف و القسوة اساسا و محرکا له، وأن تنفيذ أکثر من 120 ألف حکم إعدام بحق المعارضين للنظام القائم، ويکفي أن نشير الى أن 30 ألفا منهم قد تم إعدامهم بقرار رجعي و نقض أحکام سابقة کانت صادرة بحقهم على أثر فتوى الخميني بإعدام کل سجين من أعضاء او أنصار منظمة مجاهدي خلق .
 
أما عشية إنتفاضة عام 2009، والتي طافت خلالها شوارع طهران تظاهرات دعت بسقوط النظام القائم و بالموت للمرشد الاعلى للنظام و تمزيق و حرق صوره، فقد باغتت القوات الامنية الايرانية التي کانت متخفية بملابس مدنية جموع المتظاهرين و نکلت بهم شر نکلة و إتخذت إجراءات قمعية إستثنائية ضد المنتفضين، خصوصا بعد أن صدرت تصريحات من جانب وقادة و مسؤلين کبار في طهران وعلى رأسهم المرشد الاعلى خامنئي، حيث إتهموا فيها منظمة مجاهدي خلق بأنها تقف خلف الانتفاضة و تقوم بتوجيهها، ويعتبر إعتراف غير مسبوق من جانب سلطات الجمهورية الاسلامية الايرانية بشأن إستمرار دور هذه المنظمة في التأثير على الشارع الايراني بعد أن أکدوا ولأعوام طويلة بأن منظمة مجاهدي خلق صارت شيئا من الماضي ولم يعد لها من دور في داخل إيران.
 
اليوم، وبعد 35، عاما من حکم مثير للجدل، و سياسات أثارت و تثير الکثير من الشکوك و التحفظات المختلفة بشأنها، فإن الشعب الايراني قد وصل الى أسوء وضع له في خلال التأريخ المعاصر، إذ ان الخميني الذي کان ينتقد النظام الملکي السابق لأنه قد تم بيع فتيات في ظله في مناطق نائية منه، لکننا اليوم نجد أن الفتيات يتم بيعهن في طهران و مدن أخرى کأصفهان و شيراز و کرمانشاه و تصدر إعلانات بشأن ذلك، هذا الى جانب أن هنالك أکثر من 15 مليون جائع في إيران و قرابة 70% من الشعب الايراني يعيشون تحت خط الفقر، هذا إذا وضعنا جانبا تفشي البطالة و الادمان و الجريمة و ماتداعى عنه من التفكك الاسري و الاجتماعي، وان أوضاع الشعب الايراني وصلت الى هذا الحد المزري لأنه و بعد خروجه من الحرب الطاحنة ضد العراق وعوضا أن يتم تعويض الشعب عن کل ماقاساه و عاناه من جراء ظروف و أوضاع الحرب، فإنه بدأ ببرنامجه النووي، الذي کلف إيران و بحسب خبراء حکوميين مايقدر بتکلفة أکثر من ثمانية أعوام من الحرب ضد العراق، بالاضافة الى التدخلات الواسعة في الشؤن الداخلية لدول المنطقة و صرف المليارات من أموال الشعب الايراني بهذا الصدد، ولذلك فإن الشعب قد ضاق ذرعا بهذه الاوضاع و لم يعد بوسعه تحمل المزيد وهو يتطلع الى نهاية لأوضاعه المعيشية الوخيمة جدا، ومن هنا، فإن النظر الى ماجرى و يجري في المفاوضات النووية الجاريـة بين طهران و الدول الکبرى، فإنه لايمکن أبدا النظر لمجريات هذه المفاوضات بعيدا عن تأثيرات و إنعکاسات الاوضاع الداخلية عليها، وان الداخل و بشهادة معظم الاوساط الدولية و الاقليمية قد صار سيف ديموقليس المسلط على رأس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، ذلك أن التنازلات التي قدمها و يقدمها هذا النظام في جنيف و لوزان انما هي مساع حثيثة تبذل خوفا و رعبا من إحتمالات التغيير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *